الغرائز والحاجات العضوية
الحَاجَاتُ العُضوِيَّةُ وَالغَرَائِزُ فَقَدْ نَظَّمَهَا الإِسلامُ تَنظِيمًا يَضْمَنُ إِشبَاعَ جَمِيعِ جَوْعَاتِهَا، مِنْ جَوعَةِ مَعِدَةٍ، أوْ جَوعَةِ نَوْعٍ، أوْ جَوْعَةٍ رُوحيَّةٍ، أوْ غَيرِ ذَلِكَ. وَلَكِنْ لا بِإشبَاعِ بَعضِهَا عَلَى حِسَابِ بَعْضٍ، وَلا بِكَبْتِ بَعضِهَا وَإِطلاقِ بَعْضٍٍ، وَلا بِإِطلاقِهَا جَمِيعِهَا، بَلْ نَسَّقَهَا جَمِيعَهَا وَأشْبَعَهَا جَمِيعَهَا بِنِظَامٍ دَقِيقٍ، مِمَّا يُهَيِّئُ لِلإِنسَانِ الهَنَاءَةَ وَالرَّفَاهَ، وَيَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ الانْتِكَاسِ إِلَى دَرْكِ الحَيوَانِ بِفَوْضَوِيَّةِ الغَرَائِزِ. وَلِضَمَانِ هَذَا التَّنظِيمِ، يَنظُرُ الإِسلامُ لِلجَمَاعَةِ بِاعتِبَارِهَا كُلاً غَيرَ مُجَزَّأٍ، وَيَنْظُرُ لِلفَردِ بِاعتِبَارِهِ جُزْءًا مِنْ هَذِهِ الجَمَاعَةِ غَيرَ مُنفَصِلٍ عَنْهَا. وَلَكِنَّ كَونَهُ جُزْءاً مِنَ الجَمَاعَةِ لا يَعنِي أنَّ جُزْئِيَّتَهُ هَذِهِ كَجُزْئِيَّةِ السِّنِّ فِي الدُّولابِ، بَلْ يَعنِي أنَّهُ جُزْءٌ مِنْ كُلٍّ، كَمَا أنَّ اليَدَ جُزءٌ مِنَ الجِسْمِ، وَلِذَلِكَ عُنِيَ الإسلامُ بِهَذَا الفَردِ بِوَصْفِهِ جُزْءَاً مِنَ الجَمَاعَةِ، لا فَردًا مُنفَصِلاً عَنهَا، بِحَيثُ تُؤَدِّي هَذِهِ العِنَايَةُ لِلمُحَافَظَةِ عَلَى الجَمَاعَةِ، وَعُنِيَ فِي نَفْسِ الوَقْتِ بِالجَمَاعَةِ لا بِوَصْفِهَا كَلاً لَيسَ لَهُ أجْزَاءٌ بَلْ بِوَصْفِهَا كُلاًّ مُكَوَّنَاً مِنْ أجزَاءٍ هُمُ الأفرَادُ بِحَيثُ تُؤَدِّي هَذِهِ العِنَايةُ إِلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى هَؤُلاءِ الأفرَادِ كَأجْزَاءٍ، قالَ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُوْدِ اللهِ والوَاقِعِ فِيْهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِيْنَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوْا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوْا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصِيْبِنَا خَرْقَاً ولَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوْهُمْ وَمَا أَرَادُوْا هَلَكُوْا جَمِيْعَاً، وَإِنْ أَخَذُوْا عَلَى أَيْدِيْهِمْ نَجَوا ونَجَوا جَمِيْعًا»”.
إشباع الحاجات العضوية والغرائز
جاء الإسلام رحمة للعالمين، وجاءت شريعة الإسلام بنظام شامل يعالج جميع شؤون الإنسان، ومنها إشباع الحاجات العضوية وإشباع الغرائز إشباعا كاملا يحقق للإنسان السعادة والهناء في الدنيا, ويحقق له الرضا والقبول عند الله, والفوز بنعيم الجنة التي أعدها الله للمتقين، ويمكن تلخيصهم بالبنود الآتية:
- نَظَّمَ الإِسلامُ الحَاجَاتِ العُضوِيَّةَ وَالغَرَائِزَ تَنظِيمًا يَضْمَنُ إِشبَاعَ جَمِيعِ جَوْعَاتِهَا.
- أبرَزُ الجَوعَاتِ ثلاثة: جَوعَةِ مَعِدَةٍ، أوْ جَوعَةِ نَوْعٍ، أوْ جَوْعَةٍ رُوحيَّةٍ.
- كَيفِيَّةُ إِشبَاعِ الإِسلامِ لِلغَرَائِزِ وَالحَاجَاتِ العُضْوِيَّةِ:
- لَمْ يُشْبِعِ الإِسلامُ هَذِهِ الجَوعَاتِ بِإشبَاعِ بَعضِهَا عَلَى حِسَابِ بَعْضٍ. وَلا بِكَبْتِ بَعضِهَا وَإِطلاقِ بَعْضٍٍ، وَلا بِإِطلاقِهَا جَمِيعِهَا، بَلْ نَسَّقَهَا جَمِيعَهَا وَأشْبَعَهَا جَمِيعَهَا بِنِظَامٍ دَقِيقٍ، مِمَّا يُهَيِّئُ لِلإِنسَانِ الهَنَاءَةَ وَالرَّفَاهَ، وَيَحُولُ بَينَهُ وَبَينَ الانْتِكَاسِ إِلَى دَرْكِ الحَيوَانِ بِفَوْضَوِيَّةِ الغَرَائِزِ.
الإِجرَاءَاتُ الَّتِي اتَّخَذَهَا الإِسلامُ لِضَمَانِ تَنظِيمِ إِشبَاعِ الغَرَائِزِ وَالحَاجَاتِ العُضوِيَّةِ هِيَ:
- يَنظُرُ الإِسلامُ لِلجَمَاعَةِ بِاعتِبَارِهَا كُلاً غَيرَ مُجَزَّأٍ.
- وَيَنْظُرُ لِلفَردِ بِاعتِبَارِهِ جُزْءاً مِنْ هَذِهِ الجَمَاعَةِ غَيرَ مُنفَصِلٍ عَنْهَا.
- كَونُ الفَردِ جُزْءًا مِنَ الجَمَاعَةِ لا يَعنِي أنَّ جُزْئِيَّتَهُ هَذِهِ كَجُزْئِيَّةِ السِّنِّ فِي الدُّولابِ.
- كَونُ الفَردِ جُزْءًا مِنَ الجَمَاعَةِ يَعنِي أنَّهُ جُزْءٌ مِنْ كُلٍّ، كَمَا أنَّ اليَدَ جُزءٌ مِنَ الجِسْمِ.
- عُنِيَ الإسلامُ بِالفَردِ بِوَصْفِهِ جُزْءًا مِنَ الجَمَاعَةِ، لا فَردًا مُنفَصِلاً عَنهَا.
- عُنِيَ الإسلامُ بِالفَردِ بِحَيثُ تُؤَدِّي هَذِهِ العِنَايَةُ لِلمُحَافَظَةِ عَلَى الجَمَاعَةِ.
- وَعُنِيَ فِي الوَقْتِ نَفْسِهِ بِالجَمَاعَةِ لا بِوَصْفِهَا كَلاً لَيسَ لَهُ أجْزَاءٌ بَلْ بِوَصْفِهَا كُلاًّ مُكَوَّنَاً مِنْ أجزَاءٍ هُمُ الأفرَادُ.
- عُنِيَ الإِسلامُ بِالجَمَاعَةِ بِحَيثُ تُؤَدِّي هَذِهِ العِنَايةُ إِلَى الْمُحَافَظَةِ عَلَى هَؤُلاءِ الأفرَادِ كَأجْزَاءٍ.
نذكر حَدِيثًا نَبَوِيًّا شَرِيفًا يُصَوُّرُ فِيهِ نَبِيُّنَا الكَرِيمُ الْمُجتَمَعَ المُسلِمَ فِي تَعَاوُنِهِ عَلَى تَنفِيذِ أوَامِرِ اللهِ, وَاجتِنَابِ نَوَاهِيهِ تَصوِيرًا تَمثِيلِيًّا رَائِعًا يُقَرِّبُ فِكرَةَ ضَرُورَةِ الأمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ إِلَى الأذهَانِ وَيُرَسِّخُهَا فِي العُقُولِ, وَهُمْ يَأخُذُونَ عَلَى أيدِي العُصَاةِ وَالمُفسِدِينَ الخَارِجِينَ عَلَى أحْكَامِ الإِسلامِ, لِيَحمُوا الْمُجتَمَعَ مِنَ انتِشَارِ الفَوَاحِشِ وَالرَّذَائِلِ, حَيثُ شَبَّهَ النَّبِيُّ عَلَيهِ الصلاة والسَّلامُ أفرَادَ الْمُجتَمَعِ كَمَثَلِ قَومٍ اقتَرعُوا فِيمَا بَينَهُمْ وَهُمْ عَلَى ظَهرِ سَفِينَةٍ فِي عُرضِ البَحْرِ, فَخَرَجَتْ نَتِيجَةُ القُرعَةِ أنْ كَانَ نَصِيبُ بَعضِهِمْ أنْ يَركَبَ فِي أسْفَلِ السَّفِينَةِ, وَنَصِيبُ الآخَرِينَ أنْ يَركَبُوا فِي أعْلاهَا, وَكَانَ الَّذِينَ فِي أسفَلِهَا إِذَا أرَادُوا الحُصُولَ عَلَى المَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوقَهُمْ, فَفَكَّرُوا فِي طَرِيقَةٍ لِلحُصُولِ عَلَيهِ بِأنْ يَخْرِقُوا خَرقًا فِي قَاعِ السَّفِينَةِ حَتَّى لا يُزعِجُوا مَنْ هُمْ فَوقَهُمْ في أعلاهَا, فَإِنْ تَرَكُوهُمْ يَخرِقُونَهَا, هَلَكُوا جَمِيعًا, وَإِنْ أخَذُوا عَلَى أيدِيهِمْ وَمَنَعُوهُمْ مِنْ خَرقِهَا نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا.
وَهَكَذَا شَأنُ الْمُجتَمَعِ, فَإِنَّ الحُصُولَ عَلَى المَاءِ بِخَرقِ السَّفِينَةِ يُمَثِّلُ الحُصُولَ عَلَى إِشبَاعِ الغَرَائِزِ وَالحَاجَاتِ العُضوِيَّةِ وَتَلبِيَةِ شَهَوَاتِ وَرَغَبَاتِ النَّفسِ البَشَرِيَّةِ بِخَرقِ الأحكَامِ الشَّرعِيَّةِ وَمُخَالَفَتِهَا, وَهُنَا يَأتِي دَورُ المُصلِحِينَ الآمِرِينَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهِينَ عَنِ المُنكَرِ, فَإِنْ تَرَكُوهُمْ يَفعَلُونَ مَا يَشَاءُونَ من المعاصي والآثام هَلَكُوا وَهَلَكُوا جَمِيعًا فِي نَارِ جَهَنَّمَ, أي هَلَكَ الطَّائِعُونَ قَبلَ العَاصِينَ, وَإِنْ أخَذَ هَؤُلاءِ الآمِرُونَ بِالمَعرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ المُنكَرِ عَلَى أيدِي هَؤُلاءِ العَاصِينَ لأوَامِرِ اللهِ وَمَنَعُوهُم مِنَ ارتِكَابِ مَعَاصِيهِمْ نَجَوا وَنَجَوا جَمِيعًا, وَسَارَتْ بِهِمْ سَفِينَةُ النَّجَاةِ إِلَى شَاطِئ وَبَرِّ الأمَانِ, وَفَازُوا بِرِضَا اللهَ, وَنَالُوا أعْلَى الدَّرَجَاتِ مِنَ الجِنَانِ الَّتِي أعَدَّهَا اللهُ لِعِبَادِ الرَّحمَنِ. قَالَ صلَّى اللهُ عَلَيهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُوْدِ اللهِ والوَاقِعِ فِيْهَا كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِيْنَةٍ, فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاهَا وبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ في أَسْفَلِهَا إذَا اسْتَقَوْا مِنَ المَاءِ مَرُّوْا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوْا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا في نَصِيْبِنَا خَرْقَاً ولَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ تَرَكُوْهُمْ وَمَا أَرَادُوْا هَلَكُوْا جَمِيْعَاً، وَإِنْ أَخَذُوْا عَلَى أَيْدِيْهِمْ نَجَوا ونَجَوا جَمِيْعًا».
المراجع
- ↑ ” كتاب نظام الإسلام ,ص ١٨”، تقي الدين النبهاني, اطّلع عليه بتاريخ 13-11-2019.
-
أبناء آدم عليه السلام وكم عدد أولاده
أبناء آدم عليه السلام وكم عدد أولاده مقدمة: في التاريخ الديني الإسلامي، يُعدّ النبي آدم عليه السلام أول البشر وأبًا… انقر للمزيد
-
النبي الذي يقتل المسيح الدجال
من هو النبي الذي يقتل المسيح الدجال النبي الذي يقتل المسيح الدجال هو عيسى بن مريم -عليه السلام- وسيكون معه… انقر للمزيد
-
أنواع الصدقات في الإسلام
الصدقة الصدقة هي من السنن وأعمال الخير المستحبة والتي ذكرها الله تعالى في آياته الكريمة، كما وذكرها رسولنا عليه الصلاة… انقر للمزيد
-
ما معنى المغضوب عليهم
المغضوب عليهم المغضوب عليهم في القرأن الكريم هم اليهود، والمقصود بـ الضالين هم النصارى، والدليل من القرآن الكريم فقد قال… انقر للمزيد
أسئلة طرحها الآخرون
كلمات أغنية إدّلع يا كايدهم – عبد المجيد عبدالله أغنية إدّلع يا كايدهم من ألبوم إنت العزيز للفنان السعودي عبد المجيد عبدالله، وهو ألبوم غنائي تم إصداره في 1 نوفمبر من عام عام 2000م، ومن إنتاج شركة (روتانا)، وأهم اغانيه هي أغنية (إدّلع يا كايدهم) وهي من كلمات سعود بن عبدالله وألحان ممدوح سيف، ، […]
أقوال عن الشتاء يد الشتاء الخشنة لا تدعها تمحو عنك صيفك قبل أن تتحول أنت إلى قطرات. الشتاء يترك إحساساً عميقاً في داخلنا بالوحدة. سيأتي الشتاء، وَيلفظ الكون أنفاسه المتسربلة بأحلام، وتمسح الشمس بكُل لطفٍ على جبين الأرض، وتخفض اشتعَالها. في عمق الشتاء البارد اكتشفت أنّ في داخلي صيفاً لا يقهر. عندما نقع في الماء […]
معلومات عن دولة تشيلي
هل لديك سؤال؟