شعر نزار قباني عن الثلج والحب
لا وسيلة للتدفئة .. سوى أن أحبك
- يندف الثلج على شبابيكي في لندن[1]
- يندف على كتبي .. وأوراقي .. وفناجين قهوتي ..
- وأنا مبهور بهذا الكلام الحضاري
- الذي لم أسمعه منذ تسعة أشهر
- مبهور بهذا الانقلاب الأبيض
- الذي يعلنه الشتاء على رجعية الصيف..
- ورتابة اللون الأخضر..
- الثلج هو حداثة الأرض
- عندما تخرج على النص..
- وتحاول أن تكتب بطريقة أخرى
- وصياغة أخرى
- وتعبر عن عشقها بلغة أخرى
- وأنا أيضاً.. أريد أن أكون في عشقي
- شتائياً .. وانقلابياً .. وعاصفاً ..
- فمع امرأة استثنائية مثلك ..
- لا يمكنني إلّا أن أكون استثنائياً ..
- ومع عاشقة مجنونة مثلك ..
- لا يمكنني أن أبقى محارباً على أرض منزوعة السلاح..
- لا يقلقني الثلج
- ولا يزعجني حصار الصقيع
- فأنا أقاومه.. حيناً بالشعر..
- وحيناً بالحب..
- فليس عندي وسيلة أخرى للتدفئة..
- سوى أن أحبك..
- أو أكتب لك قصيدة حب..
- بهاتين الطريقتين السحريتين
- يمكنني أن أحل مشاكلي الجسدية..
- ومشاكلي العاطفية .. والشعرية ..
- فلا تشغلي بالك بالطقس الخارجي ..
- لأن الصيف الحقيقي مخبوء في داخلنا..
- إنني قادر دائماً على استخراج الجمر من ثلج يديك ..
- وعلى استخراج النار من عقيق شفتيك..
- وعلى استخراج الشعر..
- من تحت أية رابية من روابي أنوثتك…
- وأية منطقة حبلى بمياهها الجوفية…
- يا سيدتي التي يشتعل حبها في دمي
- كحفلة ألعاب نارية…
- حين تكونين معي..
- فلا فائدة من مواقد الحطب..
- ولا مواقد الفحم..
- ولا مواقد الكهرباء..
- فمصادر الطاقة كلها
- موجودة في أمواج بحارك..
- والكواكب كلها..
- تدور حول شمس نهديك…
- يا ذات القبعة الحمراء التي ترتجف من شدة العشق
- يا التي يسقط صوتها على الأرض كليرة ذهبية…
- لا تفتحي المظلة فوق رأسي
- فأنا لا أريد الحماية من زغب الحمام ..
- ونثارات القطن .. وأقمار الياسمين ..
- لا أريد الهروب من هذا الحصار الأبيض ..
- فأنت والثلج صديقاي على دروب الحرية
- أيتها الشتائية التي أحبها
- لا تشيلي يدك من يدي..
- ولا تخافي على صوف الأنغورا من نزواتي الطفولية ..
- فلطالما تمنيت أن أكتب قصيدة فوق الثلج ..
- وأحب امرأة فوق الثلج ..
- وأجرب كيف يمكن لعاشق أن يحترق بنار الثلج…
- يا سيدتي التي تقفز كسنجابة خائفة
- على أشجار صدري..
- كل عشاق العالم أحبوا حبيباتهم
- في شهر تموز..
- وكل ملاحم العشق كُتِبَت في شهر تموز..
- وكل الثورات من أجل الحرية وقعت في شهر تموز ..
- فاسمحي لي
- أن أخرج على هذا التوقيت الصيفي
- وأنام معك .. ليلة واحدة
- على مخدة من خيطان الفضة ..
- والثلج المندوف
المراجع
- ↑ “قصيدة لا وسيلة للتدفئة سوى أن أحبك، للشاعر نزار قباني”، nizar-qabbani.org، اطّلع عليه بتاريخ 06-12-2021.
هل لديك سؤال؟