هذا هو الثلج – فواز حجو
هذا هو الثلج
هذا هو الثلجُ من عليائِهِ نَزَلا | لولا تَوَاضُعُ هذا الثلج ما هَطَلاَ |
وَهَاهيَ الأرضُ في أَبهى مفاتنها | تزينتْ كعروسٍ وارتدتْ حُلَلاَ |
والطير يمرحُ في الأَجواءِ مُبتهجاً | وقامَ يشدو بهذا العُرسِ مُحتفِلا |
وكلُّ غصنٍ تَثَنّى خَصرُهُ طَرَبَاً | من نشوةِ الرقصِ حتّى خِلْتَهُ ثَمِلاَ |
وإن نَظَرتَ إلى الأَشجارِ تحسَبُها | عَرائساً ما رَأَتْ عينٌ لها مَثَلا |
وحيثُ تنظرُ فالآفاقُ قد لَبِسَتْ | ثوبَ النّقاءِ، ولن ترضى لـه بَدَلاَ |
حتّى كأَنَّ سُهولَ الأرضِ قد عَدَلَتْ | عن لونِها نحوَ لونٍ يبعثُ الأَمَلاَ |
وأَينما سِرْتَ فالأَرجاءُ من بَجَعٍ | وَلو دَنَوْتَ قليلاً رُبّما جَفِلاَ |
والثلجُ في الاَرضِ كالدِّيباجِ مُنْبَسِطٌ | فكيفَ تمشي على الدّيباجِ مُنْتَعِلاَ؟ |
هذا هو الثلجُ ما أَبهى نَصَاعتَهُ | وما أُحيلاَهُ عَمَّ السَّهلَ والجَبِلاَ |
والبردُ يحلو إذا ما الثلجُ جاءَ بِهِ | لولاهُ ماكانَ هذا البردُ مَحتَمَلاَ |
وكم سُعِدْنا بهِ، إذْ راحَ مُحْتَضِناً | وَجْهَ الطبيعةِ، واستحلى بهِ القُبَلاَ |
وَحَسْبُنا أَنّنا ذُقْنا حَلاوتَهُ | وحيثما حَلَّ مَتّعنا بهِ المُقَلاَ |
وكم لَهَونا بهِ، والأرضُ ضَاحِكَةٌ | واللّهوُ بالثلجِ لم يَتْرُكْ بِنا خَجَلاَ |
وَكم ضُرِبنا بهِ، والكُلُّ مُبْتَهِجٌ | والضربُ، إلاَّ بهذا الثلجِ ما قُبِلاَ |
هذا هو الثلجُ وَافَانا بطلعتِهِ | وجاءَ بالخيرَ حتّى أَغلَقَ السُّبُلاَ |
وجاءَ يحملُ ما يحْيا المَوَاتُ بهِ | بُشْرَاكِ يا أرضنا الظَّمأَى بما حَمَلاَ |
حتّى القَرائح أَحياها بمَقْدُمِهِ | فجاءَ بالوَحيِ والإلهامِ إِذْ هَطَلا |
وكلُّ نُدْفَةِ ثلجٍ لاَمَسَتْ هُدُبي | وَدِدْتُ لو أَنّني أَسمعتُها غَزَلاَ |
وكم نَوَدُّ لَوَ ِِأَنَّ الثلجَ بَادَلَنَا | حُبَّاً بحُبٍّ، وبعدَ اليومَ ما رَحَلاَ |
هل لديك سؤال؟