في رثاء السلطان عبد الحميد
قال حذفة العرجي في رثاء السلطان عبد الحميد الثاني:
- ما كنتَ تحفظُهُ من أرضنا اغتُصِبا
- قُم من جديدٍ لترجع كلَّ ما سُلبا
- تقاسم الغربُ يا مولايَ كعكتنا
- وقطَّعوا الدينَ والتاريخَ والأدبا
- خلّوا لنا دولاً صُغرى، مُعلَّبَةً
- وفوقَ ذلكَ نالوا النفطَ والذهبا
- يا سيّدي يا أميرَ المؤمنينَ، نعم
- هذي البلادُ لنا، لكنّنا غُرَبا
- قُم من جديدٍ فما في عهدنا رجلٌ
- للمسلمينَ وما يجري بهم غَضِبا
- جرداءَ بعدكَ -من خوفٍ- منابرُنا
- يا ابنَ الخلافةِ قُمْ واسترجعِ الخُطبَا
- بيعت فلسطينُ، قلنا سوفَ نُرجعُها
- ثمَّ العراق فقلنا كانَ مُضطرِبا
- بيعت دمشقُ وبيعت بعدها عَدَنٌ
- ماتَ الحِصانُ وما زلنا نقولُ كبَـا!
- عبدَالحميدِ أيا أصلاً بلا نُسَخٍ
- من جرَّبَ السيفَ لا يرضى بهِ خشبَا
- تخلّصوا منكَ إذ خالفتَ رغبتَهُم
- ولم تبِع، أو تَخُنْ أو تُعلنِ الهَربا
- كانوا جبالاً.وفرداً كُنتَ تصعدُهم
- قالوا سيسقطُ، لكنْ متَّ مُنتصبا
- يا شوكةً في حلوقِ الغربِ عالقةً
- يزيدُها الماءُ عُمراً كلَّما شُربا!
- مكايد الغربِ من فينا سواكَ لها
- وقد تفاقمَ جُرحُ الدينِ والتهبا
- كلُّ الذينَ أتوا من بعدكَ انتصروا
- على الشعوبِ! وخانوا اللهَ والكُتُبا
- هنا رئيسٌ.هنا شيخٌ.هنا مَلِكٌ
- هنا شعوبٌ تُعاني ظُلمَهُم حِقَبا
- عنّا تولّوا، وفي أرزاقنا لعبوا
- وهم بأيدي مَوَاليهم غَدوا لُعَبا
- ذُقنا الأمَرَّين عُسراً بعد مَيسَرةٍ
- وما تعبنا ولكن صبرُنا تَعِبَا
- ماذا يضيرُكَ يا حيَّـاً بأضلُعنا
- لو عُدتَ فينا وأرجعتَ الذي ذَهبا؟
- قرنٌ مضى يا أميرَ المؤمنينَ سُدىً
- أهلُ السياسَةِ فيهِ جرَّموا القُبَبَا!
- أكادُ أُقسمُ لو عادَ الزمانُ بنا
- لما قبلنا على جدْبائكَ السُحبَا!
- كنّا وكنّا.. وما ماضٍ بمُنقذنا
- صاروا أنوفاً ولم يرضوا بنا ذَنَبا!
- كن بيننا في رَخانا أو بمحنَتِنا
- نحنُ اليتامى، ولا نرضى سواكَ أبا
- واللهِ سوفَ يجيءُ النصرُ مُبتسماً
- ويرفعُ الله عنّا الذلَّ والنَصَبا
- قم من جديدٍ، فقد قال النبيُّ لنا
- ستُنصَرونَ ويبدو أنَّهُ اقتربا