حياة عمر المختار - ويكي عربي

حياة عمر المختار

حياة عمر المختار

عمر المختار

عمر المختار المُلقب بأسد الصحراء ولد في عام 1862م وقيل 1858م من أب وام صالحين، ووالد عمر المختار من قبيلة المنفة من عائلة فرحات، ولد بالبطنان في الجبل الأخضر ونشأ وترعرع في بيت فضيل ذو عز وكرم وباخلاق المسلمين الرفيعة من كتاب الله وسنة رسوله و أمه هي عائشة بنت محارب.

كفل عمر المختار أبوه وقام بتربيته تربية إسلامية مُستمدة من تعاليم الحركة السنوسية القائمة على كتاب الله وسنة رسوله الكريم، ولم يُعايش عمر المختار والده فترة كبيرة، فقد توفى وهو ذاهب لإداء فريضة الحج إلى مكة، حيث ذهب وهو في مرضه إلى صديقه ويُسمى أحمد الغرياني وأبلغه بان يُحمله مسؤولية تربية ولداه عمر المـختار و محمد.

بعد وفاة والد عمر المختار رجع صديقه احمد الغرياني (شقيق شيخ زاوية جنزور الواقعة شرق طبرق) من الحج وتولى رعايتهم رغبة لوصية والد عمر المـختار فقام بإدخالهم مدرسة لتعليم القران الكريم بمنطقة تُسمى الزاوية ثم قام بإالحاق عمر المختار بمعهد يُسمى المعهد الجغبوبي لينضم لطلبة العلم.

ذاق المختار طعم ومرارة اليُتم منذ كان صغيراً فهذا كان من الخير له والذي ملئ قلبه بالإيمان وحب الله ورسوله الكريم وكان يلجئ لله دائماً وكان نابغاً منذ صغره مما يجعل شيوخ عـمر المختار يقومون بالإهتمام به في المعهد الجغبوبي، الذي كان منارةً للعلم وكان يجتمع فيه العًلماء لدراسة الإسلام وحمل رسالة الغسلام الخالدة أنذاك و مكث عـمر المختار في المعهد ما يُقارب الثمانية سنوات وهو يتعلم ويدرس العلوم الشرعية كالفقه والحديث والتفسير.

شيوخ عمر المختار

من اشهر شيوخ عمر المـختار أنذاك الذين تتلمذ على ايديهم ومنهم: السيد الزروالي المغربي، السيد الجواني، العلامة فالح بن محمد بن عبدالله الظاهري المدني، بحيث شهدوا له أنه رجلً نبيه ورجيح العقل ونابغً وقمة في الاخلاق وحب الدعوة وكان رحمه الله مخلصاً في عمله ومتفانياً في اداء ماعليه وماكان يُعرف عنه انه يقوم بتاخير عمل اليوم إلى الغد وأُشتهر بالجدية والإستقامه والصبر وكان شيوخه يقومون بإبلاغ الإمام محمد المهدي اخبار الطلبه فأكبر السيد محمد المهدي في عمر المختار صفاته ومايتحلى به .

أصبح عمر المختار على إلمام واسع بشؤون البيئة التي تحيط به، وعلى معرفة واسعة للشؤون القبلية وتاريخها والوقائع التي حصلت معها، وتوسع بمعرفة الانساب والإرتباطات التي تقوم بوصل هذه القبائل ببعضها البعض، بحيث تعلم تقاليدها وعاداتها وموقعها وتعلم أيضاً وسائل فض الخصومات البدوية ومايتطلبه الموقف من أراء ونظريات واصبح خبيراً بمسالك الصحراء والطرق التي كان يجتازها من برقة لمصر والسودان وإلى الجغبوب والكفرة في الداخل.

فقد كان أسد الصحراء يعرف انواع النباتات وخصائصها بمختلف انواعها في برقة، وكان على دراية بالادواء التي تُصيب الماشية وعلاجها وكان يعرف سمات كل قبيلة وهي التي توضع على الإبل والاغنام والابقار لوضوح ملكيتها لاصحابها فكل هذه المعلومات تدل على ذكاء ونباهة عـمر المختار رحمه الله.

اوصاف عمر المختار

من صفات عمر المختار أنه كان متوسط القامة، يميل إلى الطول قليلاً ولم يكُن بدين او ممتلئ او نحيف كثيراً، وقد كان صوته اجش ولهجتهُ بدوية صريح العبارة، كان لا يُمل حديثه ومُتزن الكلام كثيف اللحية وقام بإطلاقها منذ صغره، وكان يبدو عليه صفات الوقار، أخذت هذه الصفات تتقدم معه بتقدم السن.

الحرب على الدولة العثمانية

أعلنت إيطاليا الحرب على الدولة العثمانية في عام 1911م، وبدأت بإنزال قوَّاتها بمدينة بنغازي الساحلية شمال برقة في 19 أكتوبر الموافق الرابع من شوال عام 1329ه، وفي تلك الأثناء كان عمر المختار في مدينة الكفرة بقلب الصَّحراء في زيارة إلى السنوسيين، وعندما كان عائداً من هناك مرَّ بطريقه بواحة جالو، وعلم وهو فيها بخبر نزول الإيطاليين.

فعاد مسرعاً إلى زاوية القصور لتجنيد أهلها من قبيلة العبيد لمقاومة الإيطاليّين، ونجح بجمع 1,000 مقاتل معه. وأول الأمر أسَّس عمر المختار معسكراً خاصاً له في منطقة الخروبة، ثم انتقل منها إلى الرجمة حيث التحق هو والمقاولين الذين معه بالجيش العثماني، وأخيراً إلى بنينة جنوب مدينة بنغازي بحوالي 20 كيلومتراً وهناك انضموا إلى الكثير من المقاتلين الآخرين

وأصبح المعسكر قاعدةً لهم يخرجون منها ويغيرون باستمرارٍ على القوات الإيطالية. وقد رافق عمر المخـتار في هذه المرحلة من حياته الشيخ محمد الأخضر العيساوي، الذي روى أنه في خلال معركة السلاوي عام 1911، نزل المقاتلون الليبيون – بينما كانوا يحاربون الإيطاليين – إلى حقل زراعي للتخفّي فيه، وما إن وصلوه حتى بدأ الجنود الإيطاليون بإطلاق الرصاص الكثيف اتّجاه الحقل لقتلهم

وبينما هم على هذه الحال وجدوا حفرةً منخفضةً في الحقل، فأشاروا على عـمر المختار بدخولها ليحتميَ من الرَّصاص، إلا أنه رفض بشدة، فدفعوه رغماً عنه وأدخلوه إليها، وظلَّ طوال المعركة يحاول الخروج منها وهم يمنعونه بالقوة.

اعتقال عمر المختار

تمكن الطليان في شهر أكتوبر عام 1930م، من الاشتباك مع المجاهدين في معركة كبيرة عثروا عقب انتهائها على نظّارات عمر المختار، كما عثروا على جواده المعروف مجندلًا في ميدان المعركة؛ فثبت لهم أن المختار ما زال على قيد الحياة، وأصدر غراتسياني منشورًا ضمنه هذا الحادث حاول فيه أن يقضي على “أسطورة المختار الذي لايقهر أبدًا” وقال متوعدًا: «لقد أخذنا اليوم نظارات المختار وغدًا نأتي برأسه»

وفي 11 سبتمبر من عام 1931 توجَّه عمر المختار بصحبة عدد صغير من رفاقه، لزيارة ضريح الصحابي رويفع بن ثابت بمدينة البيضاء. وكان أن شاهدتهم وحدة استطلاع إيطاليَّة، وأبلغت حامية قرية السلنطة التي أبرقت إلى قيادة الجبل باللاسلكي، فحرّكت فصائل من الليبيين والإرتريين لمطاردتهم. وإثر اشتباك في أحد الوديان قرب عين اللفو.

جرح حصان عمر المختار فسقط إلى الأرض، وتعرّف عليه في الحال أحد الجنود المرتزقة الليبيين فيقول المجاهد التواتي عبد الجليل المنفي، الذي كان شاهدًا على اللحظة التي أُسر فيها عمر المختار من قبل الجيش الإيطالي: «كنَّا غرب منطقة سلنطة، فهاجمنا الأعداء الخيَّالة وقُتل حصان سيدي عمر المختار، فقدَّم له ابن اخيه المجاهد حمد محمد المختار حصانه وعندما همَّ بركوبه قُتل أيضًا وهجم الأعداء عليه.. ورآه أحد المجندين العرب وهو مجاهد سابق له دوره. ذُهل واختلط عليه الأمر وعزَّ عليه أن يُقبض على عمر المختار فقال: “يا سيدي عمر.. يا سيدي عمر!!” فعرفه الأعداء وقبضوا عليه.

وردَّ عمر المختار على العميل العربي الذي ذكر اسمه وهو عبد الله بقوله: (عطك الشر وابليك بالزر).

نُقلت برقية من موريتي، النبأ إلى كلٍ من وزير المستعمرات دي بونو وحاكم ليبيا بادوليو والفريق أوَّل غراتسياني، جاء فيها: «تمَّ القبض على عمر المختار.. في عملية تطويق بوادي بوطاقة جنوب البيضاء.

وقد وصل مساء الأمس إلى سوسة الكومنداتور دودياتشي الذي تعرف عليه ووجده هادئ البال ومطمئنًا لمصيره، الخسائر التي تكبدها المتمردون هي 14 قتيلًا».

وتمَّ استدعاء أحد القادة الطليان، وهو متصرف الجبل الأخضر دودياشي الذي سبق أن فاوض عُمر المختار للتثبت من هوية الأسير. وبعد أن التُقطت الصور مع الأسير، نُقل عمر المختار إلى مبنى بلدية سوسة، ومن هناك على ظهر طرَّاد بحري إلى سجن بنغازي مُكبّلًا بالسلاسل. يقول غراتسياني في مذكراته أنَّه خلال الرحلة إلى بنغازي، تحدَّث بعض السياسيين مع عمر المختار ووجهوا إليه الأسئلة، فكان يجيب بكل هدوء وبصوت ثابت وقوي دون أي تأثر بالموقف الذي هو فيه.

وقال أيضًا: «هذا الرجل اسطورة الزمان الذي نجا آلاف المرات من الموت ومن الأسر واشتهر عند الجنود بالقداسة والاحترام لأنه الرأس المُفكر والقلب النابض للثورة العربيَّة (الإسلاميَّة) في برقة وكذلك كان المُنظم للقتال بصبر ومهارة فريدة لا مثيل لها سنين طويلة والآن وقع أسيرًا في أيدينا».

محاكمة عمر المختار 

في الساعة الخامسة مساءً في 15 سبتمبر 1931 جرت محاكمة عمر المختار التي أعد لها الطليان مكان بناء برلمان برقة القديم، وكانت محاكمة صورية شكلًا وموضوعًا، إذ كان الطليان قد أعدوا المشنقة وانتهوا من ترتيبات الإعدام قبل بدء المحاكمة وصدور الحكم على المختار، ويبدو ذلك جليًّا من خلال حديث غراتسياني مع المختار خلال مقابلتهما، حين قال له: «إني لأرجو أن تظل شجاعًا مهما حدث لك أو نزل بك»، فأجابه المختار: «إن شاء الله».

جيء بعمر المختار إلى قاعة الجلسة مكبلًا بالحديد، وحوله الحرس من كل جانب، وأُحضر أحد التراجمة الرسميين ليتولّى الترجمة للمختار وللقضاة، فلمَّا افتتحت الجلسة وبدأ استجواب المختار، بلغ التأثر بالترجمان، حدًا جعله لايستطيع إخفاء تأثره وظهر عليه الارتباك، فأمر رئيس المحكمة باستبعاده وإحضار ترجمان آخر فوقع الاختيار على أحد اليهود من بين الحاضرين في الجلسة، فقام بدور المترجم، وكان عمر المـختار جريئًا صريحًا، يصحح للمحكمة بعض الوقائع، خصوصًا حادث الطيارين الإيطاليين أوبر وبياتي، الذين أسرهما المجاهدون قبل ذلك.

وبعد استجواب المختار ومناقشته، وقف المدعي العام بيدندو، فطلب الحكم على عمر المختار بالإعدام. وكان لحضور المختار في المحكمة أمام خصومه أثرٌ في نفوسهم، فرؤية شيخ طاعن في السن مُكبَّل بالسلاسل، صريحٌ وشجاع عندما يتكلم، كان لها وقعٌ على الكثير من الحاضرين، ولعلَّ أبرز ما يُظهر ذلك هو أنه عندما جاء دور المحامي المعهود إليه بالدفاع عن المختار، وكان ضابطًا إيطاليًّا شابًا من رتبة نقيب يُدعى روبرتو لونتانو

حاول أن يُبقي على حياة المختار، فطالب بالحكم عليه بالسجن المؤبَّد نظرًا لشيخوخته وكِبر سنّه، متحججًا بأنَّ هذا عقاب أشد قساوةً من الإعدام. غير أنَّ المدعي العام، تدخل وقطع الحديث على المحامي وطلب من رئيس المحكمة أن يمنعه من إتمام مرافعته مستندًا في طلبه هذا إلى أنَّ الدفاع خرج عن الموضوع، وليس من حقه أن يتكلم عن كبر سن عمر المختار وشيخوخته ووافقت المحكمة. عندئذٍ وقف المحامي وقال: «إنَّ هذا المُتهم الذي انتدبت للدفاع عنه: إنما يُدافع عن حقيقة كلّنا نعرفها

وهي الوطن الذي طالما ضحينا نحن في سبيل تحريره، إنَّ هذا الرجل هو ابن لهذه الأرض قبل أن تطأها أقدامكم، وهو يعتبر كل من احتلها عنوة عدوًا له، ومن حقه أن يُقاومه بكل ما يملك من قوَّة، حتى يُخرجه منها أو يهلك دونها، إن هذا حق منحته إياه الطبيعة والإنسانية.. إنَّ العدالة الحقة لا تخضع للغوغاء وإني آمل أن تحذروا حكم التاريخ، فهو لا يرحم، إنَّ عجلته تدور وتسجّل ما يحدث في هذا العالم المضطرب». وهنا كثر الضجيج ضدَّ المحامي ودفاعه، لكنه استمر بالكلام والدفاع عن المختار، فقام النائب العام ليحتج

فقاطعه القاضي برفع الجلسة للمداولة، وبعد مضي فترة قصيرة من الانتظار دخل القاضي والمستشاران والمدعي العام بينما المحامي لم يحضر لتلاوة الحكم القاضي بإعدام عـمر المختار شنقًا حتى الموت، وعندما تُرجم الحكم إلى عمر المختار اكتفى بالقول: «إنَّ الحكم إلّا لله.. لا لحكمكم المُزيَّف.. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون».

إعدام عمر المختار

نذكر تفاصيل يوم إعدام الشهيد عمر المختار رحمه الله تعالى وهي كما يلي:

في صباح اليوم التالي للمحاكمة، أي الأربعاء في 16 سبتمبر 1931، اتُخذت جميع التدابير اللازمة بمركز سلوق لتنفيذ الحكم بإحضار جميع أقسام الجيش والميليشياوالطيران، وأُحضر 20 ألف من الأهالي وجميع المُعتقلين السياسيين خصيصًا من أماكن مختلفة لمشاهدة تنفيذ الحكم في قائدهم. وأُحضر المُختار مُكبَّل الأيادي وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا سُلَّم إلى الجلّاد

وبمجرد وصوله إلى موقع المشنقة أخذت الطائرات تحلق في الفضاء فوق ساحة الإعدام على انخفاض، وبصوت مدوّي لمنع الأهالي من الاستماع إلى عمر المـختار إذا تحدث إليهم أو قال كلامًا يسمعونه، لكنه لم ينبس بكلمة.

فسار إلى منصة الإعدام وهو ينطق الشهادتين، وقيل عن بعض الناس الذين كان على مقربة منه انه كان يؤذن في صوت خافت آذان الصلاة عندما صعد إلى الحبل، والبعض قال أنه تمتم بالآية القرآنية: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّة)، وبعد دقائق كان قد عُلّق على المشنقة وفارق الحياة.

عمر المختار معدومًا.
 عمر المختار لحظة إستشهاده.

المراجع

  1. ↑ “عمر المختار.. نشأته واستشهاده – إسلام ويب” , اطّلع عليه بتاريخ 6-8-2019.

مواضيع قد تهمك

أسئلة طرحها الآخرون

العشر الاواخر من رمضان العشر الاواخر هي أخر 10 أيام من رمضان، ويستحب في هذه الأيام الإكثار والإجتهاد في العبادات، وذلك لما فيه من فضل وأجر عظيم، ففي حديث النبي صى الله عليه وسلم عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله […]

تعريف كواكب المجموعة الشمسية عدد كواكب المجموعة الشمسية هو 8 كواكب، وفيما يلي الكواكب مرتبةً بحسب قربها من الشمس وهي كما يلي: عطارد يُعد كوكب عطارد ويطلق عليه (بالإنجليزية: MERCURY)، أقرب الكواكب للشمس، يبعد عن الشمس مسافة 57910000 كيلومتر/ 35980000 ميل. كما يبلغ قطره: 4878 كيلومتر. تبلغ درجة الحرارة على الكوكب نهاراً 427 درجة سيليزية، […]

المملكة المتحدة تقع المملكة المتحدة البريطانية غرب قارة أوروبا، وتعتبر أكثر دول العالم تقدمًا، ولوحظ ذلك منذ نهاية القرن الرابع عشر، ويًعد الإقتصاد البريطاني المتحدة بأنه أقوى اقتصاد في العالم، وتبلغ مساحة المملكة المتحدة 243,610 كيلو متر مربع، وأكثر ما يتميز به المناخ البريطاني بأنه غائم وممطر طوال معظم أيام العام، ودرجات الحرارة تتراوح ما […]

هل لديك سؤال؟

1597 مشاهدة